غزة: آلاف يقاتلون “السم الأبيض”

لسنوات طويلة عمل المهندس عصام حمّاد كمنسق لفعاليات الحملة الأهلية لإنقاذ مرضى السرطان في قطاع غزة، مَهمة دفعته للبحث المستفيض طوال الوقت حول هذا المرض من أجل اختيار مواد تثقيفية مكتوبة أو فيديوهات لمواد علمية وحلقات طبية لنشرها على الصفحة الرسمية للحملة.

لكن حلقة في تلفزيون أمريكي استوقفت الرجل الذي يعمل كمهندس للأجهزة الطبية، فالمعلومة بالنسبة له كانت مفاجِئة، تحدث خلالها علماء عن دراسات تثبت علاقة وثيقة بين السكر ومرض السرطان، فأخذ الرجل الفيديو ونشره فورًا على صفحة الحملة الأهلية.

لكن معاناته الشخصية لثلاثين عامًا من آلام في المعدة حرمته النوم الهانئ بسبب الحموضة العالية، دفعته للتفكير في هذا “السم الأبيض” فقد يكون ذو علاقة مباشرة، أوقف السكر فتحسنت صحته، وهنا قرأ بأن الخبز الأبيض لا يقل خطورة، توقف عنهما فحظي بصحة رائعة.

تجربته الناجحة شجعته على التفكير بالتوقف نهائيًا عن السكر والخبز الأبيض، وهنا قفزت إلى عقله فكرة أن يجعل منه تحديًا، ويُشرك آخرين معه، فأنشأ صفحة على الفيس بوك أطلق عليها “تحدّي السكر”.

يقول حمّاد : “بدأت أقرأ أكثر حول السكر والأمراض المرتبطة به، مثل السكري والسرطان وارتفاع الكولسترول وضغط الدم والدهون الثلاثية والأعصاب الطرفية، وكذلك مشكلة العيون بالنسبة لمرضى السكري”.

ويكمل: “تجربتي الشخصية دفعتني لإنشاء الصفحة في منتصف أغسطس على أمل إضافة من يؤمنون بالمشاركة، ولكن المفاجأة هي التفاعل السريع من قبل الناس حتى وصلت الصفحة إلى ما يزيد عن 7000 عضو وعضوة”.

شعر الرجل باقتناع الناس فبدأ ببث فيديوهات ونشر مواد علمية، واستثمر صداقته بأخصائي التغذية العلاجية د.مازن السقا من أجل الخروج ببث مباشر يجيب فيه على تساؤلات أعضاء المجموعة وهو ما زاد التفاعل.

الشابة هدى الزير “30 عامًا” واحدة من المشاركات في المجموعة، تؤكد لنوى إن ساعات العمل الطويلة التي تقضيها في دوامها بإحدى مؤسسات المجتمع المدني، جعلها تحتاج إلى مجهود بدني كبير.

وتضيف الشابة التي تعمل في متجر  للهدايا والمناسبات  إن السبب الذي دعاها للمشاركة في الحملة هو حاجتها لتشجيع نفسها على الالتزام بالتحدي، من خلال مشاركة الآخرين والأخريات الذين يخوضون ذات التجربة، مشيرة إلى أن الحملة مفيدة جدًا فالإنسان يبدأ بالشعور أنه بصحة مزاج ونشاط أفضل.

وتجزم أن الحملة مهمة للانتقال لنظام صحي جديد يغيّر معتقدات خاطئة ويحسّن الكثير من الأعراض الصحية التي نعانيها، لكنها تحتاج إلى انتشار أوسع ضمن خطة ترويجية محكمة تساهم فيها جهات الاختصاص فكل إنسان شارك في التحدي وامتلك المعلومة من خلال المجموعة عليه نقلها للآخرين فهي أمانة.

على المجموعة يتواصل التفاعل بين الأعضاء ممن يطرحون أسئلة تحتاج إلى إجابة من قبل أخصائي التغذية أو أولئك الذين خاضوا التحدّي حديثًا، ولا تخلو من بعض الفكاهة من قِبل أشخاص كسروا النظام في يوم من أجل قطعة شوكولاتة، لكن لا بأس، فتشجيع بقية الأعضاء يدفعهم للمواصلة.

محمد أبو ارجيله، واحد ممن خاضوا التحدّي ولكن هذه المرة بحثًا عن تخفيض وزنه، يقول لنوى :”بحثت كثيرًا عن برنامج غذائي لتخفيض الوزن وترتيب الوجبات، مارست أكثر من نظام باءوا بالفشل”.

دخل أو ارجيله صفحة تحدي السكر وقرأ التعليمات المدّونة وكيف تتم عملية الخلاص من السكر المتسبب في الكثير من الأمراض، وهنا قرر خوض التحدّي، ويؤكد الشاب الذي يعمل كأخصائي مساج أنه كان يشعر بآلام في العضلات بسبب ثقل وزنه، وأرق في النوم والمزاج المعكّر.

لكن بعد خوض التحدّي والامتناع عن السكر نهائيًا واستبدال الخبز الأبيض بالقمح والردة والامتناع عن الأرز والمعكرونة والمشروبات الغازية والبسكويت والشوكولاتة واستبدال كل ذلك بأشياء طبيعية مثل العسل والمكسرات النيئة، بات الشاب يشعر بتحسن كبير في صحته ومزاجه ونومه.

يحاول أبو ارجيله إقناع زملائه بخوض التجربة، فإن كانت البداية صعبة، فالأيام ستحوّلها لأسلوب حياة، وكل من يشعر بتحسّن في صحته سيتمسك أكثر بما أنجزه، أما حمّاد ذاته فإن قراءة المزيد من المعلومات حول السكر وضرره وتحذير منظمة الصحة العالمية من آثاره دفعه لتنظيم عمله أكثر.

قسّم حماد الصفحة إلى زوايا متخصصة أبرزها مشاركات الأعضاء، أسئلة الأعضاء، الفيديو والبث المباشرة، تجارب حية، قسم الوصفات، قسم المواد العلمية والتوثيق، منشورات تشجيعية، قسم المتابعة.

النجاح الذي حققته الحملة التي انطلقت فعليًا مطلع الشهر الجاري، دفعت وزارة الصحة للتواصل مع حماد من أجل تنسيق الجهود والوصول إلى جمهور أكبر، كما اقترح أعضاء القيام بحملات توعوية تطوعوية في المدارس والجامعات للتحذير من خطورة السكر، وأبدى عشرات الأعضاء استعدادهم للمشاركة، بينما يكد حماد استعداد وزارة الصحة للتعاون والتنسيق في هذه الجهود.

تقرير شيرين خليفة

المصدر : شبكة نوى فلسطينيات